تعريف محمد زفزاف
محمد زفزاف (1945 - 2001 م) قاص وروائي يعد من أشهر القاصين المغاربة على الصعيد العربي. ولد سنة 1945 م بسوق الأربعاء الغرب. امتهن التدريس بالتعليم الثانوي بالدار البيضاء. توفي يوم الجمعة 13 يوليو سنة 2001 م.
وقد كرم زفزاف بعمل جائزة أدبية باسمه تمنح كل ثلاث سنوات خلال مهرجان أصيلة الثقافي الدولي بالمغرب (فاز بها السوداني الطيب صالح، 2002 م، والليبي إبراهيم الكوني 2005 م).
تعريف الرواية
الرواية:هي نوع من أنواع سرد القصص، تحتوي على العديد من الشخصيات لكل منها اختلاجاتها وتداخلاتها وانفعالاتها الخاصة، وتعتبر الروايات من أجمل أنواع الأدب النثري . تمثل النوع الأحدث بين أنواع القصة، والأكثر تطوراً وتغييراً في الشكل والمضمون بحكم حداثته ووما لهُ صِلة بالرواية أو ما شبيه بها كفن السيرة وفن المقامة وإن كانا يعدان أساساً واحداً من الأسس التي قامت عليها الرواية العربية اليوم ذلك إنَّ ما احتواه هذا الفن من قواعد فنية يرجع إلى عهد قريب حين تعرف العرب هذا النوع الأدبي وأصوله كما ظهر مع بدء القرن الماضي إذ ترجم الكثير من القصص والروايات العالمية من الشرق والغرب
مراحل تأسيس الرواية المغربية
ارتبط التأسيس لجنس الرواية في الأدب المغربي الحديث بداية القرن العشرين ؛ بطرح النخبة المغربية لمجموعة من الأسئلة الفكرية ؛ التي ارتبطت في العمق بمنظومة الحداثة ؛ التي اخترقت الفكر المغربي خلال القرن التاسع عشر ؛ سواء عبر الحربين اللتين خاضهما المغرب في مواجهة الفرنسيين و الإسباني ( إيسلي و تطوان ) . أو عبر العلاقات الاقتصادية و السياسية و الدبلوماسية و الثقافية كذلك ؛ التي كانت تربط المغرب بأوربا .
و نتيجة لكل هذه الأحداث ؛ ولدت الرواية كصوت أدبي حديث ؛ للتعبير عن مجمل التحولات التي يعرفها المغرب ؛ كجزء لا يتجزأ من العالم العربي ؛ يمتلك تراثا أدبيا تقليديا ( المقامة ؛ الرسالة ؛ الخطابة ؛ الرحلة ) . و في نفس الآن كجزء لا يتجزأ من المكون الثقافي الأورومتوسطي ؛ و على قائمته الأوربي ؛ و هذا المكون الثقافي يفرض على المغرب تحديا كبيرا على مستوى الخيارات المفتوحة للكتابة .
و قد عاش المغرب بين هذين التحديين ؛ تحدي المحافظة على التراث الأدبي العربي ؛ و تحدي معانقة التصورات الأـدبية الحديثة ؛ التي تهب عليه رياحها من الضفة الشمالية لبحر الأبيض المتوسط ؛ و هذه الوضعية هي التي صاغت سؤال التأسيس في الرواية المغربية.
يعرف دارسو الرواية المغربية ؛ أن ظهور هذا الجنس الأدبي ؛ مر بمجموعة من المراحل ؛ سابقة عن مرحلة التأسيس التي أجمع عليها النقاد المغاربة ؛ و هي مرحلة الخمسينات ؛ تاريخ صدور رواية ( في الطفولة لعبد الجيد بنجلون ) .
و لعل أول مرحلة تفرض نفسها كموضوع للدراسة ؛ لما تحمله من أسئلة محرجة للثقافة المغربية ؛ هي مرحلة الثلاثينات ؛ التي احتضنت نصا سرديا ؛ يحمل الكثير من الأسئلة ؛ التي سبق أن طرحنا ؛ و هو نص ( الرحلة المراكشية لابن المؤقت )؛ الذي حاول تقديم صياغة جديدة في الكتابة السردية ؛ تجمع بين مرحلتين متناقضتين ؛ الأولى ترتبط بما قبل القرن التاسع عشر ؛ حيث الثقافة المغربية ؛ مكون أساسي من الثقافة العربية ؛ والثانية ؛ ترتبط بما بعد القرن التاسع عشر؛ حيث دخول مكون ثقافي جديد ؛ هو المكون الثقافي الأوربي..
و قد حاول ابن المؤقت كتابة نص سردي ؛ يستجيب للمكونين معا ؛ فهو من جهة ؛ يعتمد قالب الرحلة ؛ ومن جهة أخرى ينفتح على المستجدات السردية ؛ التي تفرضها الثقافة الغربية . لذلك نجد الرحلة المراكشية ؛ تحاول عبر قالب سردي ؛ الجمع بين التراث و الحداثة ؛ لنقل صورة عن مدينة مراكش ؛ التي غزاها التحديث من كل جانب .أما المرحلة الثانية ؛ و التي لا تقل أهمية عن سابقتها ؛ فترتبط بعقد الأربعينات ؛ الذي عرفت خلاله الثقافة المغربية انفتاحا كبيرا على الضفة الشمالية ؛ و خصوصا إسبانيا و فرنسا . و قد جسدت الرواية المغربية هذا الانفتاح بقوة ؛ من خلال نص روائي كتبه (التهامي الوزاني) ؛ و هو رواية (الزاوية) .
و هذا النص لا يقل أهمية عن نص الرحلة المراكشية ؛ و خصوصا على المستوى التكويني ؛ حيث جسد نبض المرحلة ؛ و ما تعيشه النخبة المغربية من تردد بين النموذج العربي المشرقي ؛ و النموذج الأوربي الغربي .
و ما بين النموذجين اختار (إبراهيم كشخصية في الرواية) ؛ الانحياز للنموذج الثاني ؛ لما يجسده من تقدم ؛ وتنظيم ؛ و قوة ؛ و يعبر هذا الانحياز عن قوة التأثير التي مارسها النموذج الثقافي الأوربي علبى الثقافة المغربية ؛ باعتباره نموذجا بديلا لما يعيشه المغرب من تردي ؛ مماثل لما تعيشه الأمة العربية ككل .
و خلال المرحلة الثالثة من سلسلة التأسيس للرواية المغربية ؛ نجد عبد المجيد بنجلون في روايته (في الطفولة) ؛ التي اعتبرت البداية الحقيقية للتأسيس ؛ يتقمص الشخصية الأوربية ؛ و يقدمها كبديل للشخصية المغربية ؛ المرتبطة بالتراث العربي . و لعل هذا هو ما نلمسه من خلال حضور الطفل الإنجليزي ؛ الذي ليس في الحقيقة إلا ذالك الطفل المغربي ؛ الذي ها جر مع والديه إلى انجلترا ؛ ومن خلال القيام بمقارنة بسيطة بين الثقافتين المغربية ؛ ذات الأصول العربية ؛ و الثقافة البريطانية ؛ ذات الأصول الأوربية ؛ يقف الطفل على الكثير من المفارقات ؛ التي ستدفعه في الأخير ؛ إلى تقمص شخصية الآخر ؛ في شكل مازوشية يمارسها على الذات ؛ لكنه يشعر بلذة كبيرة ؛ لأأنه ينفلت من قبضة ثقافة تقليدية ؛ تحكم عليه بالموت الأبدي